أوزارها، يريد أوزار المشركين (١) هذا كلامه. وتأويله: حتى تضع حربكم وقتالكم أوزار المشركين بأن يسلموا فلا يبقى دين غير الإسلام ولا يعبد وثن. والأوزار في هذا التفسير بمعنى الإجرام والآثام، وهذا المعنى موافق لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال" (٢).
قال أبو إسحاق: أي: اقتلوهم وأسروهم حتى يؤمنوا، فما دام الكفر فالجهاد والحرب قائمة أبداً (٣).
وذُكر في هذا المعنى وجهان آخران. أحدهما: أن معنى الأوزار هاهنا الأسلحة وآلات الحرب، وهو اختيار أبي عبيد (٤) وابن قتيبة (٥) واحتجَّا بقول الأعشى:

وَأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ أَوْزَارَهَا رِمَاحاً طِوالاً وَخَيْلاً ذُكُورا (٦)
ففسر الأوزار بالرماح، قال ابن قتيبة: وأصل الوزر ما حملته، فسمي السلاح أوزاراً؛ لأنه يحمل، قال: والمعنى: حتى تضع أهل الحرب
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٥٧.
(٢) قطعة من حديث أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد باب ٣٥، في الغزو مع أئمة الجور ٣/ ٤٠، كما أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" برقم ٢٣٦٧، عن أنس -رضي الله عنه- ٢/ ١٤٣، وأورده الزيلعي في "نصب الراية" وقال: قال المنذري في مختصره: يزيد بن أبي نُشْبَة في معنى المجهول، وقال عبد الحق: يزيد بن أبي نُشْبَة هو رجل من بني سليم، لم يرو عنه إلا جعفر بن برقان. انظر: "نصب الراية" ٣/ ٣٧٧.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٦.
(٤) انظر: قول أبي عبيد في "تهذيب اللغة" (وزر) ١٣/ ٢٤٤.
(٥) انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤٠٩.
(٦) انظر: "ديوان الأعشى" ص ٧١، "تهذيب اللغة" ١٣/ ٢٤٤، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤٠٩، "الدر المصون" ٦/ ١٤٧، و"الجامع" ١٦/ ٢٢٩.


الصفحة التالية
Icon