المشركين فمصيره إلى العذاب، [وهو (١)] الذي ذكر ابن عباس هو معنى الابتلاء، وذلك أن الله تعالى ابتلى الفريقين أحدهما بالآخر ليثبت المؤمن ويكرمه بالشهادة، ويخزي الكافر ويذله بالقتل.
وقال أبو إسحاق: أي ليمحص المؤمنين وليمحق الكافرين (٢).
قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي جاهدوا المشركين.
﴿فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ يعني: كما يضل أعمال الذين كفروا في قوله: ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾، وقرأ أبو عمرو: ﴿وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ والوجه قراءة العامة؛ لأنها أعم من حيث إنها تشمل مَنْ قاتل ولم يقتل، ومن قاتل وقُتل وقد حصل للمقاتل الثواب كما حصل للمقتول، فكان أولى لعمومه. وعلى قراءة أبي عمرو يختص المقتول (٣) بقوله: ﴿فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ وحجة أبي عمرو (٤) ما قال قتادة (٥) ومقاتل (٦): أن المراد بقوله: (والذين قتلوا في سبيل الله) قتلى أحد من المؤمنين، غير أن قوله:

(١) كذا رسمها، ولعل الصواب (وهذا) وانظر هذا القول في "الوسيط" ٤/ ١٢٠.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٧.
(٣) هذا المحظور لا يرد على هذه القراءة. فالتعبير بـ (قتلوا) لبيان أن القتال مظنة القتل ولو لم يُقتل المقاتل فإنه كان معرضًا نفسه لذلك. وعليه فحتى على هذه القراءة لا يختص ما ورد فيها من مثوبة بمن قتل فحسب. وبذلك لا يعكر على "تفسيره" ما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما-.
(٤) انظر: "الحجة" لأبي علي الفارسي ٦/ ١٩٠، "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ٢/ ٢٧٦، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٦٦٦.
(٥) أخرج ذلك الطبري عن قتادة انظر: "تفسيره" ٢٣/ ٤٤، وذكره عبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٢٢١، والبغوي في "تفسيره" ٧/ ٢٨٠.
(٦) انظر: "تفسير مقاتل" إلا أنه قال قتلى بدر ٤/ ٤٥، وقال أبو الليث السمرقندي قتلى يوم أحد وبدر. انظر: "تفسيره" ٣/ ٢٤١.


الصفحة التالية
Icon