ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحداً (١).
هذا قول عامة المفسرين وأهل المعاني (٢) وتلخيصه ما قال أبو عبيدة: (عرفها لهم): بينها لهم حتى عرفوها من غير استدلال (٣)، على أن مقاتل بن حيان جعل هذا تعريفًا باستدلال، فإنه يقول: بلغنا أن الملك الذي وكل بحفظ عمل ابن آدم يمشي في الجنة ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرفه كل شيء أعطاه الله في الجنة، فإذا دخل إلى منزله وأزواجه انصرف الملك عنه، فهذا تعريف بوساطة الملك (٤)، والأول تعريف من قبل الله تعالى، وروي عن سلمة بن كهيل أنه قال: (عرفها لهم) طرقها (٥) وعلى هذا التعريف واقع على الطرق إلى الجنة، على معنى: إن الله يعرفهم طرقها حتى يهتدوا إليها، ويكون التقدير: عرف طرقها لهم، فحذف المضاف (٦).
وقال الحسن: وصف الله الجنة في الدنيا لهم فإذا دخلوها عرفوها بصفتها (٧). وعلى هذا القول هذا التعريف وقع في الدنيا. ويكون المعنى:
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٥٨، "تفسير غريب القرآن" لابن قتية ص ٤٠٩، "معاني القرآن" للنحاس ٦/ ٤٦٥.
(٣) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٢١٤.
(٤) ذكر ذلك أبو حيان في البحر المحيط ونسبه لمقاتل. انظر: البحر ٨/ ٧٥. وذكره الشوكاني مختصرًا ونسبه لمقاتل انظر: "فتح القدير" ٥/ ٣١.
(٥) ذكر ذلك النحاس في "معاني القرآن" ونسبه لسلمة بن كهيل ٦/ ٤٦٦، وذكر معنى هذا القول الشوكاني في "فتح القدير" ولم ينسبه ٥/ ٣١.
(٦) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٣١.
(٧) ذكر ذلك الماوردي في "تفسيره" ونسبه للحسن ٥/ ٢٩٤، وانظر: "تفسير الحسن البصري" ٢/ ٢٨٨، ونسبه القرطبي للحسن. انظر: "الجامع" ١٦/ ٢٣١.