ثم خوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية فقال:
١٠ - قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾ قال مجاهد: أمثال ما دمربه القرون الأولى، وعيد من الله لهم (١)، وقال مقاتل: وللكافرين من هذه الأمة أمثالها من العذاب (٢).
وقال عطاء: يريد لمن كذَّب النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ما أصاب الأمم قبلهم، قال أبو إسحاق: أي: أمثال تلك العاقبة من الهلاك، فأهلك الله -عز وجل- بالسيف من أهلكه من كفار هذه الأمة (٣)، هذا هو الصحيح في تفسير هذه الآية، وهو أن هذا الوعيد قد لحقهم.
وقال مقاتل بن حيان في قوله: ﴿وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾: يعني: عذاباً ينزل من السماء يصيب قرناً ولم يكن بعد، وإنما حمله على هذا القول أن عذاب الذين كانوا من قبلهم نزل من السماء كالصيحة والرجفة والغرق، ولم يكن بيد المؤمنين، ولما قال الله تعالى: (أمثالها) حملها على ما ينزل من السماء كشأن ما قبلها من عذاب الأمم (٤)، والصحيح هو الأول؛ لأن الله تعالى أراد أمثالها في الإهلاك والتدمير.
١١ - قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ﴾ قال مقاتل: ذلك النصر، يعني قوله: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ ثم ذكر سبب ذلك النصر فقال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ
(٢) انظر: "تفسير مقاتل": ٤/ ٤٥.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٨.
(٤) لم أقف على هذا القول.