الأشياء كمن زين له سوء عمله وهو خالد في النار (١)، وعلى ما قال أبو إسحاق ﴿كمَن﴾ في هذه الآية: بدل من قوله: ﴿كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ واختار صاحب النظم قول الفراء، وقال: الكاف في قوله: ﴿كَمَن﴾ تدل على مبتدأ قبله، ولم يجر له ذكر، وإنما جرى ذكر الجنة وصفتها، فكأنه -عز وجل- قال: أفمن هو في الجنة كمن هو خالد في النار، فدل الجواب على الابتداء (٢).
قوله تعالى ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾ قال مقاتل: ماء شديد الحر تستعر عليهم جهنم، فهي تغلي منذ خلقت السموات والأرض، فقطع أمعاءهم في الجوف من شدة الحر (٣).
وروى أبو أمامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره" (٤).
قال ابن عباس: وهذه الآية كقوله (٥): ﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ﴾ [الحج: ١٩] ونحو هذه الآية قوله: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ﴾ [إبراهيم: ١٧] الآية، وقوله: ﴿يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾ [الكهف: ٢٩] الآية، وواحد الأمعاء: مِعَى،

(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٠.
(٢) انظر: "تفسير ابن عطية" ١٥/ ٦٠، "الدر المصون" ٦/ ١٥١.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٤٧.
(٤) أخرج ذلك الطبري عن أبي أمامة. انظر: "تفسيره" ١٣/ ٥٠، "تفسير الوسيط" ٤/ ١٢٣، وأخرجه الحاكم عن أبي أمامة. انظر: "المستدرك"، كتاب التفسير، تفسير سورة محمد -صلى الله عليه وسلم- ٢/ ٤٥٧، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(٥) لم أقف عليه.


الصفحة التالية
Icon