أحدهما: سابق؛ وهو قوله: ﴿فَأَنَّى لَهُمْ﴾، والآخر: (فاعلم)، ويكون المعنى على هذا: إذا جاءتهم الساعة فاعلم أنه لا إله إلا الله، أي: في ذلك الوقت تبطل الممالك والدعاوى، فلا ملك ولا حكم لأحد إلا الله ولا ملجأ إلى أحد إلا الله كقوله: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤] وهذا المعنى يروى عن سفيان بن عيينة وأبي العالية (١).
قوله: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ الكلام في ذنبه -صلى الله عليه وسلم- يأتي في أول سورة الفتح إن شاء الله، قال أهل المعاني: وإنما أمر بالاستغفار مع أنه مغفور له لتستن ول أمته في الاستغفار (٢)، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأستغفر في اليوم سبعين مرة" (٣).
قوله تعالى: ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ أي: ولذنوبهم، وهذا إكرام من الله تعالى للمؤمنين والمؤمنات من هذه الأمة حين أمر نبيهم -صلى الله عليه وسلم- أن يستغفر لهم، وهو الشفيع المجاب، ثم أخبر عن علمه بأحوال الخلق ومآلهم بقوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾ قال ابن عباس: متصرفكم ومنتشركم في أعمالكم في الدنيا ومصيركم في الآخرة إلى الجنة أو النار (٤).

(١) انظر: "تفسير سفيان بن عيينة" ص ٣٢٠، "تفسير الثعلبي" ١٠/ ١٢٧ ب، "تفسير البغوي" ٧/ ٢٨٥.
(٢) ذكر ذلك الثعلبي في "تفسيره" ١٠/ ١٢٧/ ب، والبغوي في "تفسيره" ٧/ ٢٨٥، والقرطبي في "الجامع" ١٦/ ٢٤٢.
(٣) أخرج ذلك الترمذي عن أبي هريرة، وقال: هذا حديث حسن صحيح. انظر: "سنن الترمذي" كتاب: التفسير باب ٤٨، ومن سورة محمد -صلى الله عليه وسلم- ٥/ ٣٨٣، رقم ٣٢٥٩. وانظر: "الدر المنثور" ٧/ ٤٩٥ وقد، عزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "شعب الإيمان"، وانظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٢٣.
(٤) ذكر ذلك الثعلبي في "تفسيره" ١٠/ ١٢٨ أوالبغوي في "تفسيره" ٧/ ٢٨٥، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٧/ ٤٠٥، والقرطبي في "الجامع" ١٦/ ٢٤٣.


الصفحة التالية
Icon