بتحديد وتحديق، كما ينظر الشاخص بصره عند الموت من شدَّة العداوة (١).
وقال أبو إسحاق: إنما ذكر ذلك لأنهم منافقون يكرهون القتال؛ لأنهم إذا قعدوا عنه ظهر نفاقهم فخافوا على أنفسهم القتل (٢).
قوله: ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾ فيه مذاهب ثلاثة:
قال قتادة: هذا وعيد لهم وانقطع الكلام (٣)، ونحو هذا قال مقاتل والكلبي (٤)، واختاره الزجاج وابن قتيبة (٥)، وهو قول أكثر أهل اللغة (٦)، واختلفوا لم صارت هذه الكلمة للتهديد؟ فقال الأصمعي: معنى قولهم في التهديد: أولى لك، وليك وقاربك ما تكره وأنشد:

فَعَادى بَينَ هَادِيَتَيْنِ مِنْهَا وأَوْلَى أَن يَزيدَ عَلَى الثَّلاثِ (٧)
أي: قاربك أن يزيد على الثلاث.
قال ثعلب: ولم يقل أحد في (أولى لك) أحسن مما قال الأصمعي (٨)، وأبو إسحاق يختار هذا القول، ويقول: المعنى: وليهم المكروه (٩).
قال أبو العباس: وقال غير الأصمعي: (أولى) يقولها الرجل لآخر
(١) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ٢/ ١٣٢.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٢.
(٣) أخرج ذلك الطبري ١٣/ ٥٥ عن قتادف وذكره الماوردي في "تفسيره" ٥/ ٣٠١.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٤٨، "تنوير المقباس" ص ٥٠٩.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٢، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤١١.
(٦) قال ذلك الطبري. انظر: "تفسيره" ١٣/ ٥٥، وانظر: "تهذيب اللغة" (ولى) ١٥/ ٤٤٨، "اللسان" (ولى) ١٥/ ٤١١، "مقاييس اللغة" (ولى) ٦/ ١٤١.
(٧) انظر: المراجع السابقة، "الدر المصون" ٦/ ١٥٣.
(٨) ذكر ذلك الأزهري في "تهذيب اللغة" (ولي) ١٥/ ٤٤٨، وانظر: المراجح السابقة.
(٩) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٢.


الصفحة التالية
Icon