قوله: ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ﴾ أي: في إيمانهم وجهادهم سمحوا بالطاعة والإجابة ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ من المعصية والكراهية، قاله ابن عباس (١). والمعنى: لكان الصدق خيراً لهم، فأضمر لدلالة صدقوا عليه.
٢٢ - ثم قال: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ﴾ وقوله: ﴿إِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ قال عطاء عن ابن عباس: يريد عن الإسلام (٢)، وعلى هذا معنى الآية.
قال أبو إسحاق: لعلكم إن توليتم عما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تعودوا إلى أمر الجاهلية فتفسدوا ويقتل بعضكم بعضًا وتقطعوا أرحامكم أي: تئدوا البنات وتدفنوهن أحياء (٣).
وقال ابن قتيبة: أي إذا انصرفتم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تفسدوا يريد فهل تريدون إذا أنتم تركتم محمداً وما يأمركم به أن تعودوا إلى مثل ما كنتم عليه من الكفر والإفساد في الأرض وقطع الأرحام (٤)، وعلى هذا القول كأن الله تعالى يذكر منته عليهم بالإسلام ومحمد -صلى الله عليه وسلم- حين جمعهم به وأكرمهم بالإلفة بعد ما كانوا عليه في جاهليتهم من القتل والبغي وقطيعة الرحم، فيقول: لعلكم إذا كرهتم الإسلام والقرآن، تريدون أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه، والمراد بقطع الأرحام قتل بعضكم بعضاً، ويحتمل ما ذكره أبو إسحاق من الوأد.
وفي الآية قول آخر قال الكلبي: إن توليتم إمرة هذه الأمة (٥)، ويدل
(٢) ذكر البغوي ٧/ ٢٨٧، وابن الجوزي ٧/ ٤٠٧ قريبًا من هذا المعنى، ولم ينسباه.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٣.
(٤) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ٢/ ١٢٣.
(٥) ذكر ذلك القرطبى ١٦/ ٢٤٥، وانظر: "تنوير المقباس" ص ٥٠٩.