الله، وقد مر، وقال الفراء والزجاج: يريد لعرفناكهم، وأنت تقول للرجل أريتك كذا وكذا، تريد عَرَّفتكه وعَلَّمتكه (١).
قوله: ﴿فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ أي: فعرفتهم، ودخلت اللام لتأكيد المعرفة، والكلام في تفسير السيما قد سبق في سورة البقرة [آية: ٢٧٣].
قال أبو إسحاق: المعنى: لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة، وهي السيما فلعرفتهم بتلك العلامة (٢).
قوله: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾ قال أبو عبيدة والفراء والزجاج: في نحو القول معنى القول (٣): في فحوى القول وقصد القول، وهو الذي يدل على ما عنده وفي قلبه من غير تصريح به، وقريب منه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في سعد (٤) بن معاذ وسعد بن عبادة (٥) حين وجههما لاستعلام خبر قريظة "فإن رأيتماهم على العهد فأعلنا ذلك وإلا فالحنا لي لحناً أعرفه ولا تفتان أعضاد المسلمين" (٦).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٥.
(٣) انظر: "جاز القرآن لأبي عبيدة" ٢/ ٢١٥ بلفظ: (في فحوى القول)، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ٦٣، و"معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٥.
(٤) سعد بن معاذ بن النعمان الأوسى، سيد قومه، وهو الذي حكم على بني قريظة بأن تقتل وتسبى النساء والذرية، انظر: "الاستيعاب" ٢/ ٢٧، "أسد الغابة" ٢/ ٢٩٦.
(٥) هو: سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري سيد الخزرج، انظر: "الاستيعاب" ٢/ ٣٥، و"الإصابة" ٢/ ٣٠٠.
(٦) لم أقف على هذا الحديث إلا أن ابن الأثير في "النهاية" ذكر نحوه وهو (أنه بعث رجلين إلى بعض الثغور عينًا. فقال لهما: إذا انصرفتما فالحنا) أي: أشيرا إلىَّ ولا تفصحا، وعرضا بما رأيتما. أمرهما بذلك لأنهما ربما أخبرا عن العدو ببأس وقوة فأحب ألا يقف عليه المسلمون. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (لحن) ٤/ ٢٤١.