وروي عن ابن عباس: أي ط كان عليك من إثم الجاهلية وما تأخر مما يكون، وهذا على طريقة من جوز الصغائر على الأنبياء (١).
وقال عطاء الخراساني: (ما تقدم من ذنبك) يعني: ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك، (وما تأخر) يعني: من ذنوب أمتك بدعوتك (٢)، وهذا القول يمكن توجيهه على بُعْد، وهو أن يحمل قوله (من ذنبك) على حذف المضاف بتقدير: من ذنب أبويك، ويحمل قوله (ما تأخر) على ذنوب أمته، ويبين هذا القول أنه لا ذنب له بعد النبوة، فإذا حكمنا ببراءته من الذنب، حمل الذنب المضاف إليه على الوجه الذي يصح وجوده وهو ما ذكرنا (٣).
وقال سفيان الثوري: ﴿مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ﴾ ما عملت في الجاهلية وما تأخر، يعني: ما لم تعمله (٤)، هذا كلامه، يقال على هذا ما لم يعمله كيف يوصف بأنه يغفره ولم يعمله بعد؟ والجواب: أن هذا يذكر على طريق التأكيد والإمكان، كما تقول: أعطى من رآه ومن لم يره، وضرب من لقيه ومن لم يلقه (٥)، وليس يمكن أن يضرب من لم يلقه ولا أن يعطيه، ولكنه يذكر تأكيداً للكلام على معنى: أنه كان يضربه إن أمكنه، كذلك في الآية غفر المتقدم والمتأخر لو وجد.
قوله تعالى: ﴿وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ قال ابن عباس: في الجنة وروي

(١) هذا بنصه في "تفسير الثعلبي" ١٠/ ١٣٣ أ، "تفسير البغوي" ٧/ ٢٩٧، "زاد المسير" ٧/ ٤٢٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٦٢.
(٢) ذكر ذلك الثعلبي ١٠/ ١٣٣ أ، البغوي ٧/ ٢٩٨، والقرطبي ١٦/ ٢٦٣.
(٣) ذكر ذلك الثعلبي ١٠/ ١٣٣ أ.
(٤) ذكر ذلك الثعلبي، والبغوي، والقرطبي، والمؤلف في "الوسيط"؛ المواضع السابقة.
(٥) ذكر ذلك البغوي في "تفسيره" ٧/ ٢٩٨.


الصفحة التالية
Icon