وقال أبو إسحاق: زعم الخليل وسيبويه أن معنى (السوء) هاهنا: الفساد، فالمعنى: الظانين باللهِ ظن الفساد، وهو ما ظنوا أن الرسول ومن معه لا يرجعون (١)، وذلك في قوله: ﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا﴾ الآية [آية: ١٢].
قوله: ﴿عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ قال ابن عباس: عليهم يدور العذاب (٢).
وقال أبو إسحاق: أي: الفساد والهلاك يقع بهم (٣).
وقال أبو علي: عليهم دائرة السوء، أي: الذي أرادوه بالمسلمين وتمنوه لهم يقع بهم لا بالمسلمين (٤)، والكلام في تفسير (دائرة السوء) والقراءة فيه قد تقدم في سورة (٥) براءة [آية: ٩٨].
قال مقاتل: فلما نزلت هذه الآية، قال عبد الله بن أُبي والمنافقون: يزعم محمد أن الله ينصره على عدوه هيهات هيهات، لقد بقي له من العدو أكثر وأكثر، فإن أهل فارس والروم وهم أكثر عدداً وأشد بأساً، ولن يظهر
(٢) ورد هذا المعنى من غير نسبة عند الطبري في "تفسيره" ١٣/ ٧٣، الثعلبي ١٠/ ١٣٤ ب، البغوي ٧/ ٢٩٩، والمؤلف في "الوسيط" ٤/ ١٣٦.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٢١.
(٤) انظر: "الحجة" لأبي علي الفارسي ٦/ ٢٠١.
(٥) اختلفوا في ضم السين وفتحها من قوله تعالى: ﴿دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ [التوبة: ٩٨] فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو ﴿دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ بضم السين، وكذلك في سورة الفتح [آية: ٦] وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي ﴿السَّوْءِ﴾: بفتح السين فيهما ولم يختلف في غيرهما، انظر: "الحجة" ٤/ ٢٠٦.