ويعجل لهم النفع بالسلامة في أنفسهم وأموالهم، ثم قال: ﴿بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ أي: عالماً بما كنتم تعملون في تخلفكم ثم أَعَلَمَ أنهم إنما تخلفوا عن الخروج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بظنهم ظن السوء.
١٢ - قوله: ﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا﴾ أي: ظننتم أنهم لا يرجعون إلى من خلفوا بالمدينة من الأهل والأولاد، لأن العدو يستأصلهم، قوله: ﴿وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ قال ابن عباس: زين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم (١).
قال المفسرون: وذلك أنهم قالوا: إن محمداً وأصحابه أكلة رأس، لا يرجع هو ولا أصحابه أبداً، فأنَّى تذهبون؟ أتقتلون أنفسكم، انتظروا ما يكون من أمره (٢)، فذلك قوله: ﴿وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا﴾ قال الكلبي عن ابن عباس: البور بكلام أهل (٣) عُمان (٤): الفاسد، يقول:

(١) ذكر ذلك بغير نسبة: البغوي ٧/ ٣٠١، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٧/ ٤٣٠، والقرطبي ١٦/ ٢٦٩، والمؤلف في "الوسيط" ٤/ ١٣٧.
(٢) ذكر ذلك الثعلبي ١٠/ ١٣٦ أ، البغوي ٧/ ٣٠١، والقرطبي ١٦/ ٢٦٩.
(٣) كذا في الأصل، وفي "تفسير مقاتل" بلغة عمان ٤/ ٧١، وفي تفسير السمرقندي: في لغة أزد وعمان ٣/ ٢٥٤، وفي "زاد المسير" في لغة أزد عُمان ٦/ ٧٨، وانظر: "تنوير المقباس" بلفظ: هلكى فاسدة القلوب قاسية القلوب ص ٥١٢.
(٤) عُمان: بضم أوله وتخفيف ثانيه، وآخره نون: اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند، وعمان في الإقليم الأول طولها: أربع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقهَ، وعرضها: تسع عثمرة درجة وخمس وأربعون دقيقة في شرقي هَجَر، تشتمل على بلدان كثيرة ذات نخل وزروع، إلا أن حرها يضرب به المثل، وأكثر أهلها في أيامنا خوارج إباضية ليس بها من غير هذا المذهب إلا طاريء أو غريب. انظر: "معجم البلدان" ٤/ ١٥٠.


الصفحة التالية
Icon