وقال مقاتل: عَذَرَ أهل الزمانة الذين يتخلفون عن المسير إلى الحديبية، يقول، لا حرج عليهم، فمن شاء منهم أن يسير معكم إلى خيبر فليسر (١). ونحو هذا قال ابن حيان: يقول من تخلف من هؤلاء عن الحديبية فهم معذورون. (٢)
ثم أعلم -عز وجل- بخبر من أخلص نيته فقال:
١٨ - قوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾. قال المفسرون: يعني بيعة الحديبية، وهي تسمى بيعة الرضوان لهذه الآية، وكانت الشجرة سَمُرة بايع تحتها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه على أن يناجزوا قريشاً ولا يفروا (٣).
وذكر ابن عباس سبب هذه البيعة، فقال فيما روى عنه عطاء: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج يريد مكة، فلما بلغ الحديبية وقفت ناقته وزجرها فلم تنزجر، وبركت فقال أصحابه: خلأت (٤) الناقة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما
(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٣.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) وردت قصة هذه البيعة بروايات مختلفة في بعض الألفاظ انظر: "صحيح البخاري" كتاب: المغازي باب (٣٥) غزوة الحديبية، وقول الله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ ٥/ ٦١، "تفسير الطبري" ١٣/ ٨٥، "تفسير الثعلبي" ١٠/ ١٣٧ أ - ب، "تفسير البغوي" ٧/ ٣٠٥، "زاد المسير" ٧/ ٤٢٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٧٤، "البداية والنهاية" ٤/ ١٦٤.
(٤) قال الليث: الخِلأُ في الإبل كالحِرَان في الدواب. يقال: خلأت الناقة تخلأ خِلاءً إذا لم تبرح مكانها. =