بالمدينة فكف الله أيديهم بإلقاء الرعب في قلوبهم، وهذا قول قتادة (١) ومقاتل (٢)، وقال عطاء عن ابن عباس: أراد بالناس أهل مكة (٣).
قوله: ﴿وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: ولتكون هزيمة هؤلاء الذين هموا بذراري المسلمين وسلامتكم آية للمؤمنين على صدقك ونبوتك، وهذا معنى قول مقاتل (٤).
وقال مقاتل بن حيان وقتادة: وليكون كف أيديهم عن عيالكم عبرة للمؤمنين (٥)، وأجود القولين أن يكون المعنى: ولتكون هذه التي عجلها لكم آية للمؤمنين على صدقك حيث وعدتهم أن يصيبوها (٦). وذلك أنا إن قلنا: ولتكون الهزيمة، كان إخباراً عما لم يجر له ذكر، إذ الهزيمة لم تذكر، وإن قلنا: وليكون كف أيدي الناس آية، وجب أن يقال: وليكون بالياء، لأن الكف مصدر مذكر، والواو في (ولتكون) مقحمة على مذهب الكوفيين، وعلى مذهب البصريين الواو عاطفة على مضمر بتقدير: وكف أيدي الناس عنكم لتشكروه ولتكون آية للمؤمنين (٧).
﴿وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ أي: يزيدكم هدى بالتصديق لمحمد ولما
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٤.
(٣) ذكر ذلك بغير نسبة: الطبري ١٣/ ٩٠، والثعلبي ١٠/ ١٣٨ أ، والماوردي ٥/ ٣١٧، والبغوي ٧/ ٣٠٦.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٤.
(٥) أخرج ذلك الطبري عن قتادة، وانظر: "تفسير الماوردي" ٥/ ٣١٧، "زاد المسير" ٧/ ٤٣٦، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٧٩.
(٦) ذكر ذلك السمرقندى في "تفسيره" ٣/ ٢٥٦، (٨) الماوردي، وابن الجوزي، والقرطبي.
(٧) ذكر ذلك القرطبي في "الجامع" ١٦/ ٢٧٩، وأبو حيان في "البحر" ٨/ ٩٧.