وعلى ما ذكروا اسم مكة يجب أن يكون واقعاً على الحل والحرم.
قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ يريد: أن الظفر كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- على أهل مكة، والمعنى: أن الله تعالى يذكر منته بحجزه بين الفريقين حتى لم يقتتلا، وحتى اتفق بينهم الصلح الذي كان أعظم من الفتح، وسلم للرجل من بينه وبينه قرابة، ومن هو مؤمن من أهل مكة أن يصاب، وهذا قول عامة المفسرين.
وقال عبد الله بن المغفل: بينا نحن بالحديبية، وكتاب الصلح يكتب بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ خرج علينا ثلاثون شاباً عليهم السلاح، فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخذ الله بأبصارهم فقمنا إليهم فأخذناهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هل جئتم في عهد أحد، أو هل جعل لكم أحد أمانة"، قالوا: اللهم لا، فخلى سبيلهم، فأنزل الله هذه الآية (١).
وقال أنس: إن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من جبل التنعيم عند صلاة الفجر عام الحديبية ليقتلوهم فأخذهم

= ذهبنا إلى أنه نحو في الحل، وبعضها في الحرم، لأن الله -عز وجل- يقول: ﴿وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ والحرم كله محله عند أهل العلم، وانظر: "أحكام القرآن" للشافعي ٢/ ١٣١، ونقل ابن القيم في "زاد المعاد" ٣/ ٣٠٣ عن الشافعي أن الحديبية بعضها في الحل، وبعضها في الحرم ٣/ ٣٠٣.
(١) أخرج ذلك النسائي في "السنن الكبرى"، كتاب: التفسير ٦/ ٤٦٤، وأخرج الطبري في "تفسيره" ١٣/ ٩٤، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" كتاب: التفسير ٢/ ٤٦٠، وقال حديث صحيح، على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وقال الهيثني في "مجمع الزوائد" رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، انظر: "مجمع الزوائد" ٦/ ١٤٥، وأخرجه البغوي في "تفسيره" ٧/ ٣١٣.


الصفحة التالية
Icon