ومجاهد وقتادة: أخلص الله قلوبهم (١)، وهذا معني وليس بتفسير، وذلك أن الامتحان معناه في اللغة: الاختبار (٢)، والاختبار إنما يكون الإخلاص كما يمتحن الذهب بالنار ليخلص، والتقدير: امتحن الله قلوب فأخلصها للتقوى فحذف الإخلاص لدلالة الامتحان عليه، وذلك أن الامتحان إنما كان للإخلاص.
قال عطاء عن ابن عباس: يريد طهَّر قلوبهم من كل قبيح، وجعل التقوى في قلوبهم والخوف من الله (٣)، قال الفراء: أخلص قلوبهم للتقوى كما يمتحن الذهب بالنار فيخرج جيده من رديئه ويسقط خبثه (٤)، وقال أبو عبيدة: امتحنه: اصطفاه (٥)، وهذا كقول المفسرين.
وقال أبو سعيد الضرير: محنت الأديم محنًا إذا مددته حتى توسعه، قال: ومعنى قوله: ﴿امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى﴾ شرح الله قلوبهم، كان معناه وسَّع الله قلوبهم للتقوى (٦)، وعلى هذا القول لا يحتاج إلى تقدير محذوف، وقال المقاتلان: قال ثابت لما نزلت هذه الآية: ما يسرني أني لم أجهر بصوتي عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ امتحن الله قلبي للتقوى، وجعل لي مغفرة وأجراً عظيمًا (٧).

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٩٠، "تفسير الطبري" ١٣/ ١٢٠، و"الوسيط" ٤/ ١٥١.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (محن) ٥/ ١٢١، "اللسان" (عن) ١٣/ ٤٠١.
(٣) انظر: ذلك القرطبي في "الجامع" ١٦/ ٣٠٨ عن ابن عباس.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٧٠.
(٥) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٢١٩.
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" (عن) ٥/ ١٢١ - ١٢٢، "اللسان" (عن) ١٣/ ٤٠١.
(٧) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٩٠ - ٩١.


الصفحة التالية
Icon