٤ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في قوم حفاة أجلاف من بني تميم قدموا على النبي -صلى الله عليه وسلم- لفداء ذرارٍ لهم سبيت، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد نام للقائلة، فجحلوا ينادونه: يا محمد اخرج إلينا، ولم يعلموا في أي حجرة هو من حجر نسائه، فكانوا يطوفون على الحجر وينادونه: يا محمد اخرج إلينا، وهذا قول جابر (١) وابن عباس (٢) والمقاتلين (٣) ومجاهد (٤) والكلبي (٥).
وروي لنا مرفوعاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ﴾ الآية قال: "هم الجفاة من بني تميم" (٦)، والحجرات جمع حجرة، وفُعْلة تجمع فعلات، نحو: عرفات وظلمات، ومنهم من يستثقل الضمتين فيفتح الجيم.
وذكرنا الكلام في هذا عند قوله: ﴿خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [البقرة: ١٦٨].
قال الفراء: وأصل الحجر المنع، وكل ما منعت من أن توصل إليه فقد حجرت عليه، وكذلك الحجرة التي ينزلها الناس هو ما حوطوا عليه (٧)، وأنشد أبو عبيدة قول الفرزدق:

(١) أخرجه الثعلبي عن جابر. انظر ١٠/ ١٥٩ ب، وذكره البغوي ٧/ ٣٣٨، كما أخرجه المؤلف في "أسباب النزول" ص ٤٠٩، وذكره ابن حجر في "الكافي الشاف" ص ١٥٦، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٧/ ٤٥٨.
(٢) أورد ذلك البغوي ٧/ ٣٣٧ ونسبه لابن عباس، وكذلك ابن حجر في "الكاف الشاف" ص ١٥٦، وابن الجوزي ٧/ ٤٥٩.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٩١.
(٤) "تفسير مجاهد" ص ٦١٠، وأخرجه الطبري ١٣/ ١٢٢، وذكره القرطبي ١٦/ ٣٠٩.
(٥) انظر: "تنوير المقباس" ص ٥١٥.
(٦) أخرج ذلك الطبري ١٣/ ١٢٢ عن مجاهد ونسه القرطبي ١٦/ ٣٠٩ لمجاهد.
(٧) هذا النص لم أقف عليه في "معاني القرآن" للفراء وهو في "تهذيب اللغة" منسوبًا =


الصفحة التالية
Icon