يراعوا هذا كانوا كأنهم لم يعلموا أن رسول الله بين أظهرهم؛ لأنهم لم يعملوا على موجب ما علموا، فقال لهم: اعلموا ذلك علماً تعملون به فتتقوا الكذب.
ثم قال: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ﴾ أي: رسول الله ﴿فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ﴾ أي: مما تخبرونه فيه بالباطل (لعنتم) لوقعتم في عنت، وهو الإثم والهلاك.
قال مقاتل: لأنهم (١) في دينكم، ثم خاطب المؤمنين المخلصين الذين لا يكذبون النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يخبرونه بالباطل فقال: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ﴾ جعله أحبَّ الأديان إليكم حتى أحببتموه ﴿وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ حتى اخترتموه ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ﴾ جعل الكفر تكرهونه وتجتنبونه (والفسوق) قال ابن عباس: يريد الكذب (٢) (والعصيان) جميع معاصي الله.
ثم عاد إلى الخبر فقال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ قال ابن عباس ومقاتل: يعني المهتدين في محاسن أمورهم (٣)، ومثل هذا في النظم قوله: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ﴾ الآية [الروم: ٣٩].
ثم بين أن جميع ذلك بفضل من الله فقال: ﴿فَضْلًا مِنَ اللَّهِ﴾ قال أبو إسحاق: (فضلاً) منصوب مفعول له، المعنى: فعل الله بكم ذلك فضلاً أي
(٢) ذكر ذلك البغوي ٧/ ٣٣٩ ونسبه لابن عباس ٧/ ٣٣٩، ونسبه الماوردي ٥/ ٣٢٩ لابن زيد ٥/ ٣٢٩، ونسبه القرطبي ١٦/ ٣١٤ لابن عباس وابن زيد، ونسبه في "الوسيط" ٤/ ١٥٣ لابن عباس.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٩٣، وذكر هذا المعنى في "الوسيط" ٤/ ١٥٣ ولم