وقال الشعبي: قال أبو جبيرة (١) بن الضحاك: قدم علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة [وليس له رجل (٢) إلا وله اسمان] أو ثلاثة وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو الرجل فيقول: يا فلان، فيقال: يا رسول الله إنه يغضب من هذا الاسم، قال: ففينا أنزل الله: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ (٣)، وهذا كما قال أبو إسحاق في هذه الآية: يحتمل أن يكون في كل لقب يكرهه الإنسان؛ لأنه إنما يجب أن يخاطب المؤمن أخاه بأحب الأسماء إليه (٤)، والقول في هذا النهي هو أن يسميه باسم يضاد الإسلام والإيمان؛ لقوله: ﴿بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾ قال أبو إسحاق: أي: بئس الاسم أن يقول له: يا يهودي يا نصراني، وقد آمن (٥).
وقال غيره: معنى هذا: أن من دعا أخاه بلقب يكرهه لزمه اسم الفسق لمخالفة النهي، والله تعالى يقول ﴿بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾ من فعل
(٢) نص العبارة في تفسير الثعلبي: (وما منا رجل إلا له اسمان...) وهو الأصوب. انظر: ١٠/ ١٦٦ أ.
(٣) أخرجه الترمذي عن أبي جبيرة، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، انظر: "سنن الترمذي" كتاب: تفسير القرآن باب (٥٠) ومن سورة الحجرات ٥/ ٣٨٨، وأخرجه أبو يعلى في مسنده ١٢/ ٢٥٣، وقال حسين سليم أسد محقق "المسند": إسناده صحيح.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٣٦.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٣٦.