ثم ذكر الأمم المكذبة تخويقًا لكفار مكة. فقال:
١٢ - ١٤ - قوله: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (١٣) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ﴾ وأخبار هؤلاء قد سبق ذكرُها، وتُبّع هذا هو الذي ذكر في قوله: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾ وهو تبع الحميري (١)، أسلم ودعا قومه إلى الإسلام. وكانوا يعبدون النار فأحرقهم الله بالنار.
قوله: ﴿فَحَقَّ وَعِيدِ﴾ قال ابن عباس: يعني ما أوجب الله لمن كذب أنبياءه من العذاب (٢). وقال مقاتل: فوجب عليهم عذابي (٣).
وقال أبو إسحاق: فحقت عليهم كلمةُ العذاب والوعيد لمكذبي الرسل (٤).
ثم أنزل جوابًا لقولهم: ﴿ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ قوله تعالى:
١٥ - ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ﴾ يقال لكل من عجز عن شيء: عَيِيَ به، وعَيِيّ به، وعَيِيَ فلان بهذا الأمر. قال الشاعر:

عَيُّوا بأمْرِهِمُ كَمَا عَيَّتْ ببَيْضَتِهَا الحَمَامَةْ
(١) أسعد أبو كرب بن ملك يكرب بن تبع، قدم مكة، وكسا الكعبة. ثم عاد إلى اليمن وآمن بالتوراة ودخل معه عامة أهل اليمن بعد التحاكم إلى نار تأخذ الظالم ولا تضر المظلوم. وهو تبع الأوسط. وتوفي قبل مبعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنحو من سبعمائة سنة. وبعد موته عاد قومه إلى عبادة النيران والأصنام فعاقبهم الله تعالى.
انظر: "المعارف" ٦٣١، "تاريخ الأمم والملوك" ١/ ٣٧١، "البداية والنهاية" ٢/ ١٦٣، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٢٢٢.
(٢) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٥٦، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٢٢.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٤ أ.
(٤) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ٤٣.


الصفحة التالية
Icon