١٨ - قوله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ﴾ معني اللفظ في اللغة: الرمي من الفم. يقال: لفظ الكلامَ، إذا رماه من أنفه وفمه. والأرض تلفظ الميت إذا لم تقبله، والبحر يلفظ الشيء إذا رَمَى به إلى الساحل (١). والمعنى: ما يتكلم من كلام فيلفظه: ﴿إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ﴾ حافظ. يعني الملك الموكل به، إما صاحب اليمين وإما صاحب الشمال.
قوله: ﴿عَتِيدٌ﴾ قال الكلبي: حاضر معه يحفظ عمله (٢).
وقال الزجاج: ثابت لازم (٣). وذكرنا تفسيره عند قوله: ﴿أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء: ١٨] (٤).
١٩ - قوله تعالى: ﴿وَجَاءَتْ﴾ أي: وتجيء. وذُكر بلفظ الماضي إشعارًا بتحقق كونه، كما قال: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٤٤] وقد مر (٥) قوله ﴿سَكْرَةُ الْمَوْتِ﴾ أي غمرته وشدته التي تغشى الإنسان وتغلب على عقله وفهمه. وذكرنا الكلام في هذا الحرف عند قوله: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: ١٥] (٦).

(١) انظر: "تهذيب اللغة" ١٤/ ٣٨١، "المفردات" (٤٥٢) (الفظ).
(٢) انظر: "الوسيط" ٤/ ١٦٥، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٢٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١١، ولم ينسبوه لقائل.
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ٤٥.
(٤) ومما قال عند تفسيره الآية: يقال اعتدت الشيء فهو معتد وعتيد، وقد عند الشيء عتادة وهو عتيد حاضر، قاله الليث. قال: ومن هنالك سميت العتيدة التي فيها طيب الرجل وأدهانه.
(٥) عند تفسيره لآية (٤٤) من سورة الأعراف. ولم يذكر هناك شيئاً عن وروده بصيغة الماضي والله أعلم.
(٦) مما قاله عند تفسيره لهذه الآية: السَّكر سد الثقب لئلا ينفجر الماء، والسكر في الشرب هو تغير العقل وفساد اللب وقيل السكر في الشراب هو أن ينقطع عما كان =


الصفحة التالية
Icon