(ألقيا) ناب عن قوله: ألق ألق. وكذلك عنده قِفَا، معناه: قف قف، فناب عن فعلين. قال: وهذا قولٌ صالحٌ، والذي ذكره محمد بن يزيد في قوله: ﴿أَلْقِيَا﴾ هو مذهب أبي عثمان المازني، ذهب إلى أن أراد ألق ألق، فثنى ضمير الفاعل فناب ذلك عن تكرير الفعل (١).
قال أبو الفتح الموصلي: وهذا يدل على شدة اشتراك الفعل والفاعل، ألا ترى أنه لما بني أحدهما وهو ضمير الفاعل ناب عن تكرير الفعل، وإنما ناب عنه لقوة امتزاجهما، فكأن أحدهما إذا حضر فقد حضرا جميعًا (٢). وهذا الذي قاله الموصلي بيان علة جواز نيابة (ألقيا) عن ألق ألق.
قال أبو إسحاق: والوجه عندي أن يكون أمر الملكين؛ لأن (ألقيا) للاثنين، فأنا اعتقد أنه أمر الاثنين (٣).
وبهذا قال جماعة من المفسرين؛ فذكروا أن هذا خطاب للمتلقين معًا (٤)، أو للسائق والشاهد جميعًا (٥). والأشهر في هذا ما ذكره الفراء، ويدل عليه قراءة الحسن: (ألقين) بالنون الخفيفة، وهو خطاب الواحد (٦). قوله ﴿كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ قال الكلبي، ومقاتل: كل كَفّار للنعم، معرض عن
(٢) انظر: "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٢٥ - ٢٢٦
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٤٦.
(٤) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٢٢٤، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٦.
(٥) قال ابن كثير: والظاهر أنها مخاطبة مع السائق والشهيد، وبه قال الألوسي، وهو معنى ما قاله الزجاج.
انظر: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٢٢٦، "روح المعاني" ٢٦/ ١٨٥.
(٦) انظر: "الكشاف" ٤/ ٢٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٦، "البحر المحيط" ٨/ ١٢٦.