فيها ما به يتميز وتخاطب، كما جعل في النملة التي قالت: ﴿يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾ [النمل: ١٨] (١).
قوله تعالى: ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد هل فيّ من سَعَة. وقد ضاقت بأهلها (٢). وقال مجاهد في رواية ابن أبي نجيح: وَعَدَهَا الله ليملأنها فقال: وفيتك. فقالت: فهل فيّ من مسلك (٣). وقال في رواية ابن أبي مريم: لا يزال يقذف فيها حتى تقول: قد امتلأت، فهل فيّ من مزيد (٤).
وروى مقاتل بن سليمان قال: فتنتفض فتقول: قد امتلأت وليس فيّ مزيد. تقول: ليس فيّ سَعَة (٥). وعلى هذا معنى الاستفهام في قوله: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ الإنكار (٦). أي قد امتلأت ولم يبق فيّ موضع لم يمتلئ.
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح (٧): معنى قوله: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾

(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٤٧. والمؤلف رحمه الله تصرف في عبارة الزجاج، ونصها: ووجه مخاطبتها أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- جعل فيها..
(٢) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٥٩، من طريق الكلبي، "تفسير مقاتل" ١٢٥ أ، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٢٤.
(٣) انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦١٢، "جامع البيان" ٢٦/ ١٠٥.
(٤) انظر: "الدر المنثور" ٦/ ١٠٧، ونسب إخراجه لسعيد بن منصور وابن المنذر.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٥ أ، "الكشف والبيان" ١١/ ١٨١ ب.
(٦) قلت: قول المؤلف رحمه الله: ومعنى الاستفهام الإنكار هو من كلام شيخه الثعلبي، ولا يليق بهذا المقام على القراءتين إذ لا يتصور إنكار من مخلوق على الله تعالى وبخاصة في يوم القيامة، بل الاستفهام فيه من الضعف والاستصغار أمام عظمة الله تعالى ما يرد وصفه بالإنكار والله أعلم.
(٧) باذام أو باذان مولى أم هانئ. وثقه بعض أهل العلم، وتكلم فيه بعضهم، واختار الشيخ أحمد شاكر توثيقه، وقال ابن معين: إذا روى عنه الكلبي فليس بشيء، =


الصفحة التالية
Icon