عن أمر الله. قال قتادة: حاص أعداء الله فوجدوا أمر الله لهم مدركًا (١) وقال أبو إسحاق: طوفوا وفتشوا فلم يروا محيصًا من الموت (٢). أخبر الله عنهم أنهم طلبوا المهرب من الموت فلم يجدوا. وتقدير اللفظ: فنقبوا في البلاد هل من محيص لهم فلم يجدوا. وفي هذا إنذار لأهل مكة أنهم على مثل سبيلهم لا يجدون مفرًا من الموت. يموتون فيصيرون إلى عذاب الله.
٣٧ - قوله: ﴿إِنَّ في ذَلِكَ﴾ أي في إهلاكهم: ﴿لَذِكْرَى﴾ يعني تذكرة وموعظة ﴿لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء، وأبي صالح: عقل (٣).
قال الفراء: وهذا جائز في العربية أن يقول: مالك قلب، وما قلبك معك. أي: ما عقلك معك، وأين يذهب قلبك. أي: أين يذهب عقلك (٤).
وقال غيره: إنما جاز ﴿لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ لأن من لا يعي الذكر لا يعتد بما له من القلب، والمعنى: لمن صرف قلبه إلى التفهم، لأن من لم يتفهم كان بمنزلة من لا قلب له، ألا ترى أن الكفار ما لم يستمعوا سماع تفهم واسترشاد جعلوا بمنزلة من لا يسمع فقيل في صفتهم: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ﴾ (٥) وهذا قول أبي إسحاق (٦).
قوله تعالى: ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ قال أبو عبيدة والفراء:
(٢) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ٤٨.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٦٢، "الوسيط" ٤/ ١٧٠، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٢٦.
(٤) انظر: "معاني القرآن" ٣/ ٨٠.
(٥) انظر: من آية (١٨) و (١٧١) من سورة البقرة.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٤٨.