وقال: ألقى سمعه إلى الشيء، وألق سمعك إليّ: استمع مني. فمعنى: ﴿أَلْقَى السَّمْعَ﴾ استمع (١)، وليس يراد بالسمع هاهنا الأذن، وإنما يراد حاسة السمع، كأنه قيل: وجه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له. وقوله: ﴿وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ قال ابن عباس ومقاتل: وهو شاهد غير غائب (٢).
قال ابن قتيبة: استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساهٍ (٣). فالمعنى: وهو شهيد بالفهم والقلب.
قال أبو إسحاق: ويجوز أن يكون: ﴿وَهُوَ﴾ كناية عن القلب. أي وقلبه حاضر فيما يسمع (٤).
٣٨ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا في سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ قال جماعة المفسرين (٥): إن اليهود قالت: خلق الله السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة، واستراح يوم السبت، فذلك لا يعمل فيه شيئًا. فأكذبهم الله تعالى بقوله: ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ قال الكسائي: يقال لَغَبَ بالفتح يلغُبُ بالضم لغوبًا، ولغِبَ بالكسر يلغَب بالفتح لغبًا - لغتان فهو لاغب (٦).
(٢) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٦٢، "تفسير مقاتل" ١٢٥ ب.
(٣) انظر: "تفسير غريب القرآن" ص ٤١٩.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٤٩.
(٥) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٦٢، "تفسير مقاتل" ١٢٥ ب، "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٣٩، "جامع البيان" ٢٦/ ١١، "أسباب النزول" للواحدي ص ٤٥٨، وبهذا قال ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومقاتل، والكلبي، وغيرهم. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٤٥٠ عن عكرمة عن ابن عباس.
(٦) انظر: "اللسان" ٣/ ٣٧٥، "المفردات" ص ٤٥١ (لغب).