وأما الخراصون فقال أبو إسحاق: هم الكذابون (١)، يقال: قد تَخَرَّص علىّ فلان بالباطل. قال: ويجوز أن ﴿الَّذِينَ هُمْ في غَمْرَةٍ سَاهُونَ﴾ يكون الخراصون الذين يتظنون الشيء لا يُحقُّونه فيعملون بما لا يدرون صحته (٢). الأزهري: وأصل الخْرَصِ التَّظَنِّي فيما لا يستيقنه، ومنه قيل: خرصت النخل والكرم، إذا حزرته، لأن الحزر فيه الظن لا الإحاطة، ثم قيل للكذب خرص لما يدخله من الظنون الكاذبة (٣). واختلفوا في الخراصين هاهنا مَنْ هم؟ فقال (٤): هم رؤساء قريش الذين رموه بما رموه به من السحر، وهو اختيار الفراء. قال: هم الذين قالوا: محمد شاعر، كذاب، مجنون، ساحر، وأشباه ذلك، خرصوا ما لا علم لهم به (٥). وقال ابن عباس: هم المقتسمون (٦). وهو قول مقاتل. قال: وتخرصهم أنهم قالوا للناس: إن محمدًا شاعر، وساحر، ومجنون (٧).
وقال مجاهد: هم الكهنة. وهو اختيار أبي عبيدة (٨).

(١) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ٥٢.
(٢) من قوله: (يقال: قد تخرص) من كلام الزجاج، انظر "معاني القرآن" ٥/ ٥٢.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ٧/ ١٣ (خرص).
(٤) قوله (فقال) يدل على إسقاط صاحب القول، ونحوه عن ابن عباس، وابن زيد وغيرهما. انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٦٨، "جامع البيان" ٢٦/ ١١٩.
(٥) انظر: "معاني القرآن" ٣/ ٨٣.
(٦) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٢٢٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٣٤، ومراده من المقتسمين. أي اقسموا القول في النبي -صلى الله عليه وسلم- فمنهم من رماه بالسحر، ومنهم من رماه بالشعر، ومنهم من رماه بالكهانة.
(٧) انظر "تفسير مقاتل" ١٢٦ أ.
(٨) انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٢٥، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٢٩، "جامع البيان" ٢٦/ ١١٩، عن ابن عباس.


الصفحة التالية
Icon