وقال مطرف بن الشِّخِّير: قل ليلة أتت عليهم هجعوها كلها (١).
وقال مجاهد: كانوا لا ينامون كل الليل (٢). ووجه آخر وهو الوقف علي قوله: (قَلِيلاً) ثم ابتدأ فقال: ﴿مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ وهذا على نفي النوم عنهم البتة. وهو قول مقاتل والضحاك قالا: كانوا قليلاً (٣). وعلى هذا القول عطاء عن ابن عباس: المراد بهؤلاء القليل ثمانون من نصارى نجران والشام. آمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وصدقوه فذكرهم الله في غير موضع من القرآن (٤). وذكر وجهان آخران.
أحدهما: أن ﴿مَا﴾ في هذه الآية ما المصدر، ويكون التقدير: كانوا قليلاً من الليل هجوعهم. وهذا الوجه ذكره أبو إسحاق والفراء، وكذلك الوجه الأول (٥). واختاره يعقوب ووقف على قوله: ﴿قَلِيلًا﴾ (٦).

(١) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٤٣، "جامع البيان" ٢٦/ ١٢٢، "المصنف" ٢/ ٢٣٨، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٣.
(٢) انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦١٧، "جامع البيان" ٢٦/ ١٢٢، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٢٣٣، "المصنف" ١٣/ ٥٦٨.
(٣) انظر: "جامع البيان" ٢٦/ ١٢٣، "المصنف" ٢/ ٢٣٩، "الوسيط" ٤/ ١٧٥، "التفسير الكبير" ٢٨/ ٢٠٢، وفي "تفسير مقاتل" ١٢٦ ب قال بقلة نومهم، والله أعلم. وهذا القول رده بعض العلماء لما فيه من تفكيك للنظم، وتقدم معمول العامل المنفي بـ (ما) على عامله لا يجوز عند البصريين. انظر: "الكشاف" ٤/ ٢٨، "البحر المحيط" ٨/ ١٣٥، "فتح القدير" ٥/ ٨٤.
(٤) انظر: "الوسيط" ٤/ ١٧٥.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٨٤، "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٥٣.
(٦) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٣٦، وما ذكره القرطبي هو نقل يعقوب له لا اختياره. ثم قال: قال ابن الأنباري: وهذا فاسد؛ لأن الآية إنما تدل على قلة نومهم، لا على قلة عددهم. قلت: مراد المؤلف - رحمه الله أن يعقوب اختار =


الصفحة التالية
Icon