والعشاء (١). فهذا يحمل على أن الله تعالى عَدَّ هجوعهم قليلاً في جنب تعظيم الصلاة ومحافظتهم عليها حتى لا يشتغلوا عنها بالنوم. ويدل على أن المراد سهرهم بالليل، وقلة نومهم، قوله تعالى: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. قال عطاء، والكلبي، ومقاتل، ومجاهد: يصلون (٢)، ففسروا الاستغفار بالصلاة، على أن صلاتهم بالأسحار طلب منهم مغفرة الله تعالى. وذهب آخرون إلى ظاهر الاستغفار باللسان. وهو قول ابن مسعود والحسن. وقال أنس: أمرنا أن نستغفر بالأسحار سبعين استغفاراً (٣).
١٩ - ثم ذكر صدقاتهم فقال: ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ معنى المحروم في اللغة: الذي حرم الخير حرمانًا. روي أبو عبيد عن الأصمعي: حَرَمْتُ الرجل العطيةَ أَحْرِمه حِرْمَانًا. وزاد أبو نصر (٤): وحَريِمةً. ولغة أخرى: أخْرَمْتُ، وليست بجيدة (٥).
واختلفوا في المحروم هاهنا مَنْ هو؟ فقال ابن عباس: هو المُحارَفُ. وهو قول نافع، وسعيد بن المسيب، ورواية قيس بن كَرْكَم (٦)

(١) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٤٣، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٣.
(٢) انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦١٨، "تفسير مقاتل" ١٢٦ ب، "جامع البيان" ٢٦/ ١٢٤، "المصنف" ١٣/ ٣٢٧، عن ابن عمر، "الوسيط" ٤/ ١٧٥.
(٣) لم أجده.
(٤) أحمد بن حاتم النحوي: إمام مشهور، كتب: النحو واللغة، وصنف فيهما. قال الأصمعي: لا يُصَدَّق عليَّ إلا أبو نصر. حدث عنه ثعلب، مات سنة (٢٣١ هـ). انظر: "الأعلام" ١/ ١٠٤، "إنباه الرواة" ٦/ ٣٦، "تاريخ بغداد" ٤/ ١١٤، "معجم الأدباء" ٢/ ٢٨٣، "معجم المؤلفين" ١/ ١٨٦.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" ٥/ ٤٦ (حرم)
(٦) قيس بن كَرْكَم. قال ابن حبان: هو قيس بن شُقَي، روي عن ابن عباس، وعنه أبو =


الصفحة التالية
Icon