الصرعة ولم يستقلوا بعد تلك النكبة. وهذا معنى قول قتادة: من نهوض (١).
وقال الكلبي: فما استطاعوا أن يقوموا فيردوا العذاب حين غشيهم (٢). وعلى هذا المعنى (٣) ما استطاعوا قيامًا لدفع العذاب عنهم حين أتاهم. ﴿وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ﴾ قال مقاتل: يعني ممتنعين من العذاب حين أهلكوا (٤). أي: ما كانت عندهم قوة يمتنعون بها من عذاب الله.
٤٦ - قوله تعالى: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ﴾ قرئ بالنصب والخفض (٥). فالخفض ظاهر بالحمل على قوله: (وَفِي مُوسَى) ومن نصب حمل على المعنى وهو أن قوله: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ﴾ يدل على أهلكناهم، فكأنه قال: أهلكناهم وأهلكنا قوم نوح. وهذا قول الفراء، والزجاج (٦). قال: ويجوز أن يحمل على معنى قوله: ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ في الْيَمِّ﴾ ألا ترى أن هذا الكلام يدل على أغرقناهم، فكأنه قال: أغرقناهم وأغرقنا قوم نوح (٧).
قال المبرد: والنصب أحسن لتراخيه عن عامل الجر، والعرب إذا تراخى المجرور عن عامل الجر حملته على المعنى، والدليل على حسن النصب أن الجار ذكر في قصص الأمم وهو في ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ﴾ لم يلحق معهم

(١) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٤٥، "جامع البيان" ٢٧/ ٥.
(٢) لم أجده عن الكلبي، وتقدم مثله عن مقاتل.
(٣) في (ك): (معنى) ولعل الصواب ما أثبته.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٧ ب، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٥٢.
(٥) قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف (وقوم) بالكسر وقرأ الباقون بالنصب. انظر: "حجة القراءات" ص ٦٨٠، "النشر" ٢/ ٣٧٧، "الإتحاف" ص ٤٠٠.
(٦) انظر "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٨٨ - ٨٩.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٥٧. "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٢٣.


الصفحة التالية
Icon