قال عطاء: لن ينفعكم اليوم هذا الكلام، يعني قوله: يا ليت بيني وبينك، وقال مقاتل: لم ينفعكم اليوم في الآخرة الندم والاعتذار (١)، وهذا إنما يصح أن لو قرئ: (إِنكم في العذاب) بكسر الهمزة على الابتداء، وإذا فتحت الهمزة تفسير للذي لا ينفعهم، وهو اشتراكهم مع شياطينهم في العذاب.
وذكر ابن مجاهد أن ابن عامر قرأ ﴿إِنَّكُمْ﴾ بكسر الألف (٢)، وهو صحيح على ما ذكرنا من قول ابن عباس ومقاتل، وهو على إضمار فاعل ينفعكم، والفاعل ما ذكراهما، والمعنى: ولن ينفعكم اليوم التبرؤ إذ ظلمتم أمس، ودل على التبرؤ قوله: ﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ﴾ والفاعل قد يضمر إذا دلت عليه الحال كقولهم: إذا كان غدًا فأتني، وعلى هذه القراءة ﴿إِنَّكُمْ﴾ ابتداء كلام، ومن إضمار الفاعل في التنزيل قوله: ﴿فَزَادَهُمْ إِيمَانًا﴾ [آل عمران: ١٧٣] أي زادهم قولُ الناس إيمانًا، وقرأه العامة: ﴿أَنَّكُمْ﴾ بفتح الهمزة.
قال المفسرون: لا يخفف الاشتراك عنهم؛ لأن لكل أحد من الكفار والشياطين الحظ الأوفر من العذاب (٣).
قال المبرد فيما حكى عنه الزجاج: أنهم مُنِعوا روح التأسي، [لأن التأسي] (٤) يسهل المصيبة، فأعْلموا أنه لن ينفعهم الاشتراك في العذاب، فإن الله لا يجعل لهم فيه أسوة (٥).
(٢) انظر: كتاب: السبعة لابن مجاهد ص ٥٨٦، "الحجة" ٦/ ١٥٥.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٧٥، "الثعلبي" ١٠/ ٨٤ أ، "البغوي" ٧/ ٢١٤.
(٤) (لأن التآسي) ساقط من الأصل وهي هكذا عند الزجاج.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤١٢.