وقوله: ﴿الْمَتِينُ﴾ معناه في صفة الله القوي (١). وقد مَتُنَ شأنه، إذا قوي (٢)، ثم ذكر أن لمشركي مكة من العذاب مثل ما لغيرهم من الأمم الكافرة وهو قوله:
٥٩ - ﴿فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ قال مقاتل: يعني مشركي مكة (٣). ﴿ذَنُوبًا﴾ الذَّنوب في كلام العرب: الدلو العظيم.
أنشد الفراء:

إنَّا إذا نَازَعَنَا سَرَيْت لنا ذَنُوبٌ من نَدَاك ذنوب (٤)
وأنشد المبرد لعلقمة بن عبدة:
وفي كلِّ حَيٍّ قد خَبَطْتَ بنِعْمَةٍ فحُقَّ لِشَأسٍ من نَداك ذَنُوبُ (٥)
قال ابن قتيبة: كانوا يستقون فيكون لكل واحد ذنوب، فحمل الذنوب مكان الحظ والنصيب (٦)، وبهذا جاء التفسير. قال أبو إسحاق: يعني: نصيباً من العذاب، مثل نصيب أصحابهم الذين أهلكوا نحو قوم نوح،
(١) انظر: "روح المعاني" ٢٧/ ٢٣.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" ١٤/ ٣٠٥، "اللسان" ٣/ ٤٣٤ (متن).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٨ أ.
(٤) البيت لرؤبة. انظر: "ديوانه" ص ١٣٢، "أمالي ابن الشجري" ٢/ ١٨١، "شرح المفصل" ٥/ ٤٨، "المفضليات" ٦٩٦، "تهذيب اللغة" ١٤/ ٤٣٨، "اللسان" ١/ ١٠٧٩ (ذنب).
(٥) البيت في "ديوان علقمة" ص ٤٨، الكتاب ٤/ ٤٧١، "شرح المفصل" ٥/ ٤٨، "المفضليات" ص ٣٩٦، "المذكر والمؤنث" ص ٣٣٧، "الإيضاح في شرح المفصل" ٢/ ٥١٦، "المصنف" ٢/ ٣٣٢، وشأس هو أخو علقمة. والبيت من قصيدة يمدح بها الحارث بن شمر الغساني.
(٦) انظر: "تأويل المشكل" ١٥٠، "تفسير غريب القرآن" ٤٢٣.


الصفحة التالية
Icon