قال إبراهيم التيمي: ينبغي لمن لم يحزن في الدنيا ولم يخف، أن يكون من أهل النار، وأن لا يكون من أهل الجنة؛ لأنهم قالوا: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ [فاطر: ٣٤] وقالوا:
٢٨ - ﴿إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ﴾ (١). ثم قرنوا الجواب مع ذلك
بالإخلاص والتوحيد وهو قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ أي نوحده ولا ندعو إلهًا غيره. وهو قول ابن عباس (٢).
وقوله: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ وقرئ ﴿أَنَّهُ﴾ بالفتح (٣).
والمعنى: ندعوه لأنه هو البر الرحيم. أي فلرحمته يجيب من دعاه، فلذلك ندعوه، ومن كسر الهمزة قطع الكلام مما قبله واستأنف (٤)، وهو اختيار أبي عبيد قال: نقرؤها كسرًا على الابتداء، أي إن ربنا كذلك على كل حال. قال: ومن نصب أراد ندعوه لأنه، أو بأنه. فيصير المعنى: أنه يدعى من أجل هذا (٥).
والتأويل الأول أعم وأحب إليّ، قال المبرد: قال أبو عبيد: الكسر أعم، ولا وجه له؛ لأن قوله ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ بمعنى لأنه، أو بأنه دائم ثابت في الله -عز وجل- مثل قولهم لو ابتدأوا فقالوا: إنه، وأما قوله: من نصب يصير المعنى فيه أن الله يدعى من أجل هذا، فهو كما وصف، وليس
(٢) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٨٦، "جامع البيان" ٢٧/ ١٨.
(٣) قرأ نافع، والكسائي، وأبو جعفر "أنه" بالفتح، وقرأ الباقون "إنه" بالكسر. انظر: "حجة القراءات" ص ٦٨٤، "النشر" ٢/ ٣٧٨، "الإتحاف" ص ٤٠١.
(٤) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٢٧.
(٥) انظر: "حجة القراءات" ص ٦٨٤.