في هذا علة توهن هذه القراءة، وإنما يدعو المسلمون ويستغفرون ربهم لأنه الغفور الرحيم. والمعنى في القراءتين يؤول إلى شيء واحد والله أعلم (١).
قال الكلبي ومقاتل: إنه هو البر الصادق فيما وعد أولياءه، الرحيم بالمؤمنين (٢).
٢٩ - قوله ﴿فَذَكِّرْ﴾ قال المفسرون: فعظ بالقرآن أهل مكة. والمعنى: ذكرهم بما أعتدنا للمؤمنين والكافرين.
﴿فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ﴾ قال ابن عباس، ومقاتل: برحمة ربك عليك (٣). والمعنى: بإنعامه عليك بالنبوة ورحمته إياك حتى عصمك وطهرك (٤).
قوله: ﴿بِكَاهِنٍ﴾ يقال: كَهَنَ الرجل يَكْهَنُ كَهانةً، مثل: كتب يكتب كتابة، وقَلّ ما يقال إلا تَكَهَّنَ الرجل، ويقال: كهن لهم، إذا قال لهم قول الكهنة (٥)، وهم الذين كانت الشياطين تلقي إليهم ما يسترقون فيخبرون الناس به، وكانت الكهانة في العرب قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما بعث ومنعت الشياطين من استراق السمع بطل علم الكهانة (٦).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٩ أ.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٩ أ، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤٠.
(٤) وفي "تنوير المقباس" ٥/ ٢٨٦، قال: بالنبوة والإسلام.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" ٦/ ٢٤، "اللسان" ٣/ ٣٠٩ (كهن) وهو قول الليث.
(٦) انظر: "فتح الباري" ١٠/ ٢١٦ - ٢١٩، ومما نقله عن القرطبي قوله: (كانوا في الجاهلية يترافعون إلى الكهان في الوقائع والأحكام ويرجعون إلى أقوالهم، وقد انقطت الكهانة بالبعثة المحمدية، لكن بقي في الوجود من يتشبه بهم..).