عنهم مما يدل على تكذيبهم. يقول: أم تأمرهم أحلامهم بترك القبول ممن يدعوهم إلى التوحيد، ويأتيهم على ذلك بالدلائل، وهم يعبدون أحجارًا.
قال الفراء: الأحلام في هذا الموضع العقول والألباب (١). وكانت عظماء قريش توصف بالأحلام والنهى، وبأنهم أولوا العقول فقال الله تعالى -منكرًا عليهم-: أتأمرهم أحلامهم بهذا. وهذا تهكم وإزراء (٢) بأحلامهم، وأنها لم تثمر لهم معرفة الحق من الباطل (٣)، وفيه رد على من يوجب شيئًا بالعقل، وأن الهدى يكتسب بالعقل.
وقوله: ﴿أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ أي: أم يكفرون طغيانًا، وقد ظهر لهم الحق. وأول الآية إنكار عليهم، وآخرها إيجاب. وهو قوله: ﴿أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد حملهم الطغيان على تكذيبك (٤). ومثل هذه الآية في النظم قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ﴾ قال عطاء: افتعله (٥).
وقال الكلبي: تكذّبه من تلقاء نفسه (٦).
وقال مقاتل: اختلق محمد القرآن من تلقاء نفسه (٧).
والتقوّل: تكلف القول، ولا يستعمل إلا في الكذب، لأنه تكلف القول من غير حقيقة بمعنى يرجع إلى أجل (٨).
(٢) أزرى بالشيء إزراء: تهاون به. انظر: المصباح (زرى).
(٣) انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ١٩، "الوسيط" ٤/ ١٨٩، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤١.
(٤) انظر: "الوسيط" ٤/ ١٨٩.
(٥) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٧٣.
(٦) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٨٧، "الوسيط" ٤/ ١٨٩.
(٧) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٩ أ.
(٨) انظر: "تهذيب اللغة" ٩/ ٣١١، "اللسان" ٣/ ١٠٨٩ (قول) "الجامع لأحكام =