٣٩ - ثم سفه أحلامهم في جعلهم البنات لله فقال: ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ﴾ (١)، وهذا كقوله: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾ [الصافات: ١٤٩] وقوله: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ﴾ [الزخرف: ١٦] الآية. ومعنى الآية الإنكار عليهم، أي: أنتم جاعلون له ما تكرهون وأنتم حكماء عند أنفسكم ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا﴾ على ما جئتم به من الدين والشريعة ﴿فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ﴾ أي غرم ﴿مُثْقَلُونَ﴾ قال مقاتل: أثقلهم الغرم فلا يستطيعون الإيمان من أجل الغرم (٢). وكل هذا إنما ذكر قطعًا لحجتهم وبيانًا أن الحجة عليهم من كل وجه.
٤١ - قوله تعالى: ﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ قال عطاء عن ابن عباس: يريد هل نزل عليهم وحي من السماء فهم يكتبون (٣)؟
قال: يريد كتبوه وعلموه، وهذا مجمل، وقد فسره مقاتل فقال: أعندهم علم الغيب بأن الله لا يبعثهم، وأن ما يقول محمد -صلى الله عليه وسلم- غير كائن، ومعهم بذلك كتاب فهم يكتبون (٤).
وهذا وهم؛ لأنهم لو علموا الغيب لم (٥) يوجب ذلك إنكار البعث وأمر محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولكن المعنى ما قال قتادة: أن هذا جواب لقولهم: ﴿نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ يقول الله تعالى: أعندهم الغيب حتى علموا أن
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٩ ب.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٨٨، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤٢، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٧٦.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٩ ب.
(٥) (لم) ساقطة من (ك).