بالعذاب) لأنهم عذبوا بهذه الآيات فكانت عذابًا لهم ومعجزات ودلالات لموسى، فغلب عليهم الشقاق [لم] (١) يؤمنوا.
٤٩ - ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ﴾ قال ابن عباس: يقولون أيها العالم، وكان الساحر فيهم عظيمًا يعظمونه ويعزونه ولم يكن صفة ذم (٢)، وقيل: إنهم قالوا ذلك جهلاً منهم بصفته.
وقال أبو إسحاق: إنهم خاطبوه بما تقدم له عندهم من التسمية بالساحر، ولم يناقشهم موسى في مخاطبتهم إياه بذلك رجاء أن يؤمنوا، قوله تعالى: ﴿بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ﴾ فيمن آمن به من كشف العذاب عنهم (٣).
قوله: ﴿إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ﴾ أي: مؤمنون بك، قاله ابن عباس (٤) ومقاتل قال: وكان الله عهد إلى موسى لئن آمنوا كشفت عنهم العذاب، فدعا موسى ربه فكشف عنهم فلم يؤمنوا فذلك قوله:
٥٠ - ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ أي: العهد الذي عاهدوا عليه موسى (٥) وهو مذكور في قوله: ﴿لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ﴾ الآية من سورة الأعراف [آية: ١٣٤].
ومعنى ذكر هذه القصة هاهنا: أن حال موسى مع قومه كحال محمد -صلى الله عليه وسلم- وأن أمره يؤول إلى الاستعلاء كما آل أمر موسى.

(١) كذا في الأصل ولعل الصواب (فلم أو ولم)، وهي كذلك في "الوسيط" ٤/ ٧٦.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٨٠، "تفسير الثعلبي" ١٠/ ٨٦ أ، "تفسير الماوردي" ٥/ ٢٢٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٩٧، "تفسير الوسيط" ٤/ ٧٦.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤١٤.
(٤) ذكر ذلك البغوي ٧/ ٢١٧، والمصنف في "الوسيط" ولم ينسباه ٤/ ٧٦.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٩٧، "تفسير البغوي" من غير نسبه ٧/ ٢١٧.


الصفحة التالية
Icon