قال الأزهري: وإذا كان بمعنى يضجون (١)، فالوجه الكسر في يصدون، وبه قرأ ابن عباس وفسره يضجون (٢).
واختاره أبو عبيدة قال: ونرى مَنْ ضمها أراد الصدود عن الحق ولو كان من هذا القبيل [..] (٣) ﴿عَنْهُ﴾ يصدون ولم يكن ﴿مِنْهُ﴾ ولكنه عندنا على ما فسره ابن عباس يضجون.
وقال أبو عبيدة: يصدون يضجون، ومن ضمها أراد يعدلون (٤) ويريغون (٥) وأما تعلق أبي عبيدة بقوله: (منه) ولم يقل عنه، فذلك لا يدل على ترجيح الكسر؛ لأن من ذهب في (يصدون) إلى الضم بمعنى: يعدلون، كان المعنى إذا قومك منه، أي: من أجل المثل يصدون، ولم يصل يصد بـ (من) ومن قرأ بالكسر جعل (من) متصلة به كما تقول: ضج من كذا، وذكر ذلك أبو علي (٦).
وذكر أكثر المفسرين (٧) أن هذه الآية نزلت في مجادلة ابن الزبعرى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- لما نزل قوله: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨] وقد
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (صد) ١٢/ ١٠٤، "حجة القراءات" ص ٦٥٢.
(٣) كذا في الأصل وقد سقط لفظ: (لكان).
(٤) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٢٠٥.
(٥) قال الليث: الرَّوّاغ: الثعلب، وهو أروَغُ من ثعلب، وطريق رائغ مائل، وراغَ فلانُ إلى فلانٍ إذا مال إليه سرًّا. انظر: كتاب: العين (روغ) ٤/ ٤٤٥، "تهذيب اللغة" (راغ) ٨/ ١٨٦.
(٦) انظر: "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٥٥.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٨٦، "الثعلبي" ١٠/ ٨٧ ب، "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٩٩.