رضينا أن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى، فإن كان عيسى في النار بأنه يعبد من دون الله فكذلك آلهتنا، هذا معنى قول مقاتل، فقال الله تعالى: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا﴾ قال مقاتل: ما وصفوا لك ذكر عيسى إلا ليجادلوك به (١).
وقال أبو إسحاق: طلب المجادلة لأنهم قد علموا أن المعني في حصب جهنم أصنامهم (٢).
وقال أبو علي: ما ضربوه إلا إرادة للمجادلة؛ لأنهم قد علموا أن المراد لحصب جهنم ما اتخذوه من الموات (٣)، وعلى القول الأول في الآية الأولى قوله: ﴿أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ﴾ يعنون محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، قاله قتادة (٤). والمعنى: أنهم يقولون: آلهتنا خير أم (٥) فنحن لا ندع عبادتها لعبادة محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو سؤال تقرير أن آلهتهم خير.
قوله تعالى: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا﴾ أي ما قالوا لك هذا القول إلا طلبًا للخصومة منه، ثم ذكر أنهم أصحاب خصومة، فقال: ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ الخَصِم الشديد الخصومة، وكذلك الجَدِل (٦)، والقول الثاني أظهر وسياق الآيات عليه أدل وهو قوله:
٥٩ - ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ﴾ قال ابن عباس: يريد ليس بولد ولا
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤١٦.
(٣) انظر: "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٥٤.
(٤) أخرج ذلك الطبري عن قتادة. انظر: "تفسيره" ١٣/ ٨٨، "تفسير الماوردي" ٥/ ٢٣٤، ونسبه القرطبي لقتادة. انظر: "الجامع" ١٦/ ١٠٤.
(٥) كذا في الأصل، ولعله قد سقط لفظ (محمد).
(٦) انظر: "تفسير الماوردي" ٥/ ٢٣٤، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ١٠٤.