قوله: ﴿فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ أي كثيرة الخير، والليلة التي أنزل فيها كتاب الله مباركة، بأن الخير ينمو فيها على ما دبره الله من علو مرتبتها بالخير الذي قسمه الله فيها، واختلفوا في الليلة المباركة فقال ابن عباس في رواية عطاء والكلبي: إنها ليلة القدر (١). نزل القرآن جملة من عند ذي العرش إلى السماء الدنيا، وقد ذكرنا كيفية ذلك عند قوله: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وهذا قول قتادة ومقاتل وابن زيد ومجاهد (٢)، وبه قال الأكثرون: واختاره الزجاج (٣) لقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١]، قال مقاتل: كان ينزل من اللوح المحفوظ كل ليلة قدرٌ من الوحي على مقدار ما ينزل به جبريل على النبي -صلى الله عليه وسلم- في السَّنَة كلها إلى مثلها من العام المقبل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر (٤).
وقال عكرمة: هي ليلة النصف من شعبان (٥).
قوله: ﴿إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾. قال ابن عباس: منذرين بالقرآن من عصى الله (٦).
(٢) أخرج ذلك الطبري ١٣/ ١٠٧ عن قتادة وابن زيد. وانظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٨١٧.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٢٣.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٨١٧.
(٥) أخرج ذلك الطبري عن عكرمة. انظر: تفسيره ١٣/ ١٠٩، وذكره البغوي عن عكرمة.
انظر: تفسيره ٧/ ٢٢، ونسبه ابن الجوزي لعكرمة. انظر: "زاد المسير" ٧/ ٣٣٨، ونسبه القرطبي لعكرمة. انظر: "الجامع" ١٦/ ١٢٦.
(٦) لم أقف عليه.