٥ - قوله تعالى: ﴿أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا﴾ قال أبو إسحاق: ﴿أَمْرًا﴾ نصب بيفرق، بمنزلة يفرق فرقًا، لأن أمرًا بمعنى فرقا، وهذا قول الفراء (١) ونحو هذا قال المبرد في وجه الانتصاب، إلا أنه لم يجعل في موضع مصدر ﴿يُفْرَقُ﴾ وجعله بمنزلة مصدر: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾ فقال: انتصابه انتصاب المصادر وهو في موضع قولك [..] (٢). إنزالاً، والأمر اسم مشتمل على جميع الأخبار، والتقدير: إنا أنزلناه أمرًا من عندنا، ونحو هذا قال الأخفش: إنا أنزلناه أمراً (٣).
وحكى أبو علي الفارسي عن أبي الحسن أنه حمل قوله: ﴿أَمْرًا﴾ على الحال و (ذو الحال) (٤) قوله: ﴿كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ وهو نكرة (٥).
قوله تعالى ﴿إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ قال المفسرون: يعني محمدًا -صلى الله عليه وسلم- (٦)، وقال صاحب النظم: يعني به الأنبياء.
٦ - قوله: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ ذكر الفراء وأبو إسحاق في انتصاب الرحمة ما ذكرنا في قوله: ﴿أَمْرًا﴾ وزاد وجهًا آخر وهو: أن يكون مفعولًا
(٢) سننه من الأصل لفظ ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾. وانظر: قول المبرد في "إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ١٢٦، و"فتح القدير" ٤/ ٥٧٠.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٩١.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٩١، و"إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ١٢٦، ومشكل "إعراب القرآن" لمكي ٢/ ٢٨٧.
(٥) كذا في الأصل وهي غير واضحة، وقد نقل مكي عن الجرمي: هو حال من نكرة، وهو: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ فحسن ذلك لما وصف النكرة بـ ﴿حَكِيمٍ﴾.
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ١١٠، و"الثعلبي" ١٠/ ٩٣ ب، و"البغوي" ٧/ ٢٢٨.