ثم نسق على هذا خبرًا آخر مؤكدًا له من غير حرف عطف وهو قوله: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ﴾ قال عطاء عن ابن عباس: يريد محمدًا -صلى الله عليه وسلم- (١). ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ قال: يريد أفصح الكلام، يعني القرآن.
والآيتان بهذا التفسير تأكيد لما قبلهما، وهذا قول ابن كيسان في الإنسان أنه محمد -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه قال في البيان أنه بيان ما كان وما يكون؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان ينبئ عن الأولين والآخرين وعن يوم الدين (٢).
وقال الكلبي وقتادة: الإنسان آدم -عليه السلام- علمه أسماء كل شيء، وهذا قول مقاتل (٣).
وقال آخرون: الإنسان اسم لجنس الناس جميعًا، ومعنى ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ النطق والتمييز، والكتابة والخط، والفهم والإفهام، حتى عرف ما يقول وما يقال له، وعلم كل قوم لسانهم الذي يتكلمون به، وجعله مميزًا حتى انفصل الإنسان من جميع الحيوان، وهذا قول أبي العالية، ومرة، وابن زيد (٤)، والحسن، والقرظي، والسدي، ويمان بن رباب. (٥)
٥ - وقوله تعالى: ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾ ذكرنا معنى الحسبان

(١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٥٢
(٢) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ٣٣ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٦٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٥٢، و"فتح القدير" ٥/ ١٣١.
(٣) انظر: "نفسير مقاتل" ١٣٤ ب، و"جامع البيان" ٢٣/ ٦٧، والثعلبي ١٢/ ٣٣ ب.
(٤) (ك): (وبرة بن زيد) وهو خطأ.
(٥) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ٣٣ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٦٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٥٢ - ١٥٣، ورجحه الرازي والألوسي وغيرهما، انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٨٥، و"روح المعاني" ٢٧/ ٣٩.


الصفحة التالية
Icon