السماء فعند سدرة المنتهى، ويأتي بيانه بعد ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾.
هذا، ولم يره أحد من الأنبياء (١) على تلك الصورة إلا محمد -صلى الله عليه وسلم- (٢).
وقوله: ﴿الْأَعْلَى﴾ ليس المراد به الأعلى في السماء، وإنما المراد بالأعلى جانب المشرق، وهو فوق جانب المغرب، فهو أعلى منه في صعيد الأرض لا في الهواء. وقد يقال لما استعلى من البلاد آفاق تشبيهًا بآفاق السماء ومنه قول امرئ القيس:

فقد طوفتُ بالآفاق حتى رضيتُ من الغنيمةِ بالإياب (٣).
ويجوز أن يكون المراد بالأفق الأعلى طرف السماء، ويدل على صحة هذا التفسير الذي ذكرنا وهو أن جبريل كان بالأفق الأعلى دون محمد -صلى الله عليه وسلم-.
٨ - ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾ التدلي مطاوع التدلية (٤) يقال: دليت الشيء في مهواه فتدلى، فمعنى التدلي الامتداد إلى جهة السفل، يقال: تدلى العذق تدليًا. هذا هو الأصل، ثم يستعمل في القرب من العلو، وهذا قول الفراء (٥).
وقال صاحب النظم: هذا من التقديم والتأخير؛ لأن المعنى: ثم تدلى فدنا، لأن التدلي سبب الدنو (٦).
(١) في (ك): (الأنبياء) مطموسة.
(٢) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ٤ أ - ب، و"الوسيط" ٤/ ١٩٣، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٤٥، و"زاد المسير" ٨/ ٦٥.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "التفسير الكبير" ٢٨/ ٢٨٥، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٢٤٧، و"تفسير القاسمي" ١٥/ ٥٥٥٧.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٩٥.
(٦) انظر: "التفسير الكبير" ٢٨/ ٢٨٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٨٩.


الصفحة التالية
Icon