النعيم (١)، ويدل على القول الأول ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في تفسير الجنتين "هما بستانان في رياض الجنة" (٢).
قال الفراء: وقد يكون في العربية جنة واحدة فثنيت لرؤوس الآي كما قال (٣):

ومَهْمَهَيِنْ فذفين مَرَّتَيْنِ قَطَعَّته بالأمَّ لا بالسمتين
يرد مهما وسمتا واحدًا (٤)، ويريد بالسمت اهتداء بنجم أو بعلامة.
وأنكر ابن قتيبة ذلك أشد إنكار، وقال: نعوذ بالله أن نجيز على الله الزيادة والنقصان في الكلام لرأس آية كيف يكون هذا وهو يصفهما صفات الاثنين في قوله: ذواتا، وفيهما.
ولو أن قائلًا قال في خزنة النار إنهم عشرون وإنما جعلهم تسعة عشر
(١) انظر: "تفسير مقاتل" ١٣٦ ب.
(٢) أخرج ابن مردويه عن عياض بن تميم أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلا وذكر نحو هذا وزيادة، وذكره القرطبي عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوه.
انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٧٧، و"الدر" ٦/ ١١٧، وهو المعنى المروي عن ابن عباس في "تنوير المقباس" ٥/ ٣٢.
(٣) البيت لخطام المجاشعي، وقيل لهيمان بن قحافة. وانظر: "الكتاب" ١/ ٢٤١، و"اللسان" ٢/ ١٩٧، وفيه (بالأم) بدلا من (بالسَّمْتِ)، و"الخزانة" ١/ ٣٦٧، و"أمالي ابن الشجري" ١/ ١٠، وفي ألفاظه اختلاف.
والمعنى في البيت أنه قطع المفازة على طريق وحجة لا على طريقين، وقال: قطعته، ولم يقل: قطعتهما. والسمت: السير على طريق ما لظن، وقيل: هو السير بالحدس والظن على غير الطريق. والأَمّ: القصد على طريق مستقيم.
اللسان ٢/ ١٩٧ (سمت)، ٣/ ٥٤٤ (مهمه) ١/ ١٠١ (أمم).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١١٨.


الصفحة التالية
Icon