القول الرابع: أنهم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة (١).
٨ - قوله تعالى: ﴿مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ قال جميع أهل المعاني (٢) (مَا) هاهنا تفخيم لقصتهم وتعظيم لشأنهم وتعجيب منهم، كما تقول: زيد ما زيد؟ أي: أي شيء هو؟ للتعجب منه، وهذا كقوله: ﴿الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة: ١، ٢] و ﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة: ١، ٢].
٩ - قوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ﴾ يعني أصحاب الشمال والمشئمة اليسرى. يقال: اليد اليمنى واليد الشومى، ومن هذا اللفظ أخذ اليُمْن والشؤم، واليَمَن والشأم.
وفي أصحاب المشئمة أربعة أقوال تضاد الأقوال التي ذكرناها في أصحاب الميمنة (٣).
ثم ذكر الصنف الثالث فقال:
١٠، ١١ - قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ قال الفراء والزجاج يجوز أن يكون (وَالسَّابِقُونَ) ابتداء، وخبره الثاني، ويكون المعنى: والسابقون إلى طاعة الله السابقون إلى رحمة الله، ويكون ﴿أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ من صفتهم. ويجوز أن يكون الأول ابتداء والثاني توكيده، ويكون الخبر ﴿أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ (٤).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٧٠١، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٢٢، و"معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٠٨.
(٣) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ٥١ ب.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٢٢، و"معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٠٩.
أورد النحاس قولهما أن ﴿أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ صفة، قال: ولكن يكون بدلاً أو خبرًا بعد خبر. انظر: "إعراب القرآن" ٣/ ٣٢١.