عليه قول الأخطل:

كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أم رَأيتَ بواسِطٍ غَلَسَ الظَّلامِ من الرَّبابِ خَيَالاَ (١)
أي أرتك ما لا حقيقة له، كما أنك إذا قلت كذبتني عيني، معناه: رأت ما لا حقيقة له، ومعنى الآية: كانت رؤيته صحيحة غير كاذبة.
قال المفسرون: هذا إخبار عن رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه ليلة المعراج.
قال ابن عباس في رواية عطاء: رأى ربه بقلبه (٢).
وقال في رواية باذان: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ﴾ يعني فؤاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنما رأى محمد ربه بفؤاده ولم يره بعينه (٣).
وقال في رواية عكرمة: رآه بقلبه (٤).
وقال في رواية أبي العالية: رآه بفؤاده (٥)، ونحو هذا روي عن أبي ذر (٦)، وإبراهيم التيمي. وعلى هذا القول: رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه بفؤادهِ رؤية
(١) انظر: "ديوان الأخطل" ١/ ١٠٥، و"الكتاب" ٣/ ١٧٤، و"الخزانة" ٦/ ٩، و"مغني اللبيب" ص ٤٥، و"المقتضب" ٣/ ٢٩٥.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول الله -عز وجل- ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ ١/ ١٥٨، بلفظ (رآه بقلبه).
قال ابن حجر: وأصرح من ذلك ما أخرجه ابن مردويه من طريق عطاء أيضًا عن ابن عباس قال: لم يره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعينه، إنما رآه بقلبه. "فتح الباري" ٨/ ٦٠٨.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٩٢، و"الدر" ٦/ ١٢٥، وزاد نسبة تخريجه لابن جرير وعبد بن حميد.
(٤) أخرجه الترمذي في التفسير، سورة النجم، ٥/ ٣٦٩، وقال: هذا حديث حسن، وابن جرير في "جامعه" ٢٧/ ٢٨، وعبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٢٥١.
(٥) انظر: صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ ١/ ١٥٨ ولفظه: (رآه بفؤاده مرتين)، و"مسند الإمام أحمد" ٢/ ٢٢٣، و"الطبري" ٢٧/ ٢٩.
(٦) رواه ابن خزيمة بلفظ: (رآه بقلبه ولم يره بعينه)، و"فتح الباري" ٨/ ٦٠٨.


الصفحة التالية
Icon