وذكرنا معنى النجوم في نزول القرآن عند قوله: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ [النجم: ١]، وذهب جماعة من المفسرين (١) إلى أن مواقع النجوم معناها مغارب النجوم ومساقطها، وهو قول أبي عبيدة قال: والله تعالى له أن يقسم بما شاء من خلقه وليس للعباد أن يحلفوا إلا به، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠] (٢).
وقال الحسن: يعني انكدارها وانتثارها (٣)، وهذا على قراءة من قرأ: ﴿بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ لأنه مصدر يريد بوقوعها سقوطها من السماء عند انكدارها، ويجوز الجمع أيضًا لإضافته إلى النجوم ولكل نجم وقوع.
٧٦ - ثم أخبر عن عظم هذا القسم فقال، قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ قال الفراء والزجاج: هذا يدل على أن المراد بمواقع النجوم نزول القرآن (٤)، والضمير في (إِنَّهُ) يعود على القسم، ودل عليه قوله: ﴿أُقْسِمُ﴾، والمعنى: وأن القسم بمواقع النجوم لقسم عظيم لو تعلمون عظمه لانتفعتم بذلك.
وقال أبو علي الفارسي: التقدير في: ﴿لَوْ تَعْلَمُونَ﴾ ما علموا، كما تقول: لو قمت أي: قم (٥).
انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٢٣، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٢٩٨، وهو اختيار ابن جرير. "جامع البيان" ٢٧/ ١١٧.
(٢) من الآية (٤٠) من سورة المعارج. والذي في "مجاز القرآن" ٢/ ٢٥٢. قوله: (فأقسم بمواقع النجوم، ومواقعها مساقطها ومغايبها).
(٣) انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ١١٧، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٨٩.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٢٩، و"معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١١٥.
(٥) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ١٨٩.