ويجوز أن يكون المعنى أن تكذبوا بما جاء به التنزيل في قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا﴾ [ق: ٩] إلى قوله: ﴿رِزْقًا لِلْعِبَادِ﴾ [ق: ١١]، وقوله: ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ)﴾ [البقرة: ٢٢] فذكر أنه أنزل الماء ورزق به العباد الثمار، فمن نسب الإنزال إلى النجم فقد كذب برزق الله وكذب بما جاء به القرآن (١).
والمعنى: أتجعلون بدل الشكر التكذيب.
وروي عن عاصم ﴿أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ خفيفة (٢) أي تنسبون هذا الرزق إلى غير الله، وقال الأزهري: معنى الآية وتجعلون شكر (٣) رزقكم الذي رزقكم الله التكذيب بأنه من عند الله الرزق، وتجعلون الرزق من عند غير الله (٤)، وذلك كفر، فأما من جعل الرزق من عند الله وجعل النجم وقتًا وقته الله للغيث، ولم يجعله المغيث الرزق رجوت أن لا يكون مكذبًا، والله أعلم.
وقال ابن إسحاق في بعض أماليه: من قال مطرنا بنوء كذا ومراده أنا مطرنا في وقت طلوع نجم كذا ولم يقصد إلى فعل النجم فذلك والله أعلم جائز، كما جاء عن عمر -رضي الله عنه- أنه استسقى بالمصلى ثم نادى العباس: كم (٥) بقي من نوء الثريا؟ فقال: إن العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعًا بعد وقوعها، فوالله ما مضت تلك السبعة حتى غيث
(٢) وهي قراءة المفضل عن عاصم، ويحيى بن وثاب، (تَكْذبون) خفيفة منصوبة التاء. انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٦٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٣٠.
(٣) (ك): (شكر) ساقطة من (ك)، وزيادتها من "تهذيب اللغة".
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" ٨/ ٤٣٠ (رزق).
(٥) كذا في (ك) وصوابها: (فقال: يا عباس يا عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كم...).