وكلا الفريقين وعد الله الجنة (١).
والقراء في النصب في ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ﴾ لأنه بمنزلة زيدًا وعدت خيرًا فهو مفعول وعد، وقرأ ابن عامر "وكل" بالرفع (٢)، وحجته أن الفعل إذا تقدم عليه مفعوله لم يقو عمله فيه قوته إذا تأخر، ألا ترى أنهم قد قالوا في الشعر (٣): زيدٌ ضربتُ، ومما جاء في ذلك الشعر (٤):

قد أصبحتْ أمُّ الخيارِ وتدَّعي عليَّ ذنْبًا كُلُهُ لم أصْنّعِ
فرووا (كُلُ) بالرفع لتقدمه على الفعل، وإن لم يكن شيء يمنع من تسلّط الفعل عليه فكذلك ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ ويكون على إرادة الهاء وحذفها كما تحذف من الصلاتِ نحو: ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ [الفرقان: ٤١] والصفات ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ [البقرة: ٤٨]. ومثل ذلك قول جرير (٥):
أبحتَ حمى تهامةَ بعد نجدٍ وما شيءٌ حميتَ بمُستباحِ
أي حميته (٦).
(١) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٠ ب.
(٢) قرأ ابن عامر "وكل" وقرأ الباقون بالنصب انظر: "حجة القراءات" ص ٦٩٨، و"النشر" ٢/ ٣٨٤، و"الإتحاف" ص ٤٠٩.
(٣) قوله: (في الشعر) زيادة لا فائدة منها.
(٤) "البيت" لأبي النجم. انظر: "الخزانة" ١/ ١٧٣، و"الخصائص" ١/ ٢٩٢، و"شرح أبيات المغني" ٤/ ٢٤.
(٥) انظر: "ديوان جرير" ١/ ٨٩، و"شرح أبيات المغني" ص ٧٤١، "شرح شواهد سيبويه" ١/ ٤٥، و"مغني اللبيب" ص ٥٠٣، و"أمالي ابن الشجري" ١/ ٢٥، و"شرح شواهد الألفية" ٤/ ٧٥.
(٦) من قوله: "وحجته أن الفعل" إلى هنا من كلام أبي علي الفارسي.
انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٦٦ - ٢٦٧.


الصفحة التالية
Icon