يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ} يوم بدل من قوله: ﴿يَوْمَ تَرَى﴾ (١) فقال أبو أمامة: يغشى الناس يوم القيامة ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورًا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئًا فيمضي المؤمنون ويقول المنافقون ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ قال: وهي خدعة خدع بها المنافقون، قال الله تعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٢]، فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئاً فينصرفون إليهم وقد ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ﴾ (٢).
وقال ابن عباس ومجاهد: إن المؤمنين والمنافقين جميعًا يعطون النور وذلك أنهم يحشرون معًا ويعطون النور فيطفأ نور المنافقين ويقولون للمؤمنين ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ (٣).
وقال الكلبي: يستضيء المنافقون بنور المؤمنين ولا يعطون النور فإذا سبقهم المؤمنون قالوا: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ أي انتظرونا (٤) ونظر بمعنى انتظر في التنزيل والشعر كثير، قال الله تعالى: ﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ [الأحزاب: ٥٣] منتظرين إدراكه، وأنشد أبو علي (٥):
ما زِلت مُذ أشهرَ السُّفَّارُ أنْظُرُهُم | مثلُ انتظارِ المضحّي راعيَ الإبلِ |
(٢) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" ص ١٠٨ (الرقائق)، والحاكم في "المستدرك" وصححه، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ٢/ ٤٣٥، ببيان أطول مما هاهنا، وهو صحيح الإسناد موقوف على أبي أمامة، وانظر: "ابن كثير" ٤/ ٣٨، و"الدر" ٦/ ١٧٣.
(٣) انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٥٧، و"جامع البيان" ٢٧/ ١٢٩.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٣٥٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٤٥.
(٥) البيت ورد في "اللسان" (ش) ولم ينسبه، وفيه: (راعي الغنم).