قوله: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ﴾ نفسونا نقبتس، وانتظروا علينا. وكذلك ما جاء في الحديث من إنظار المعسر (١) فهذا وإن كان التأخير يشملها فهو على تأخير دون تأخير، وليس تسرّع من تسّرعَ إلى تخطئة من قال: "أنظرونا" بشيء وليس ينبغي أن يقال فيما لطف إنه خطأ، وهو زعموا قراءة يحيى بن وثاب والأعمش (٢).
قوله تعالى: ﴿قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ﴾ قال ابن عباس: يقول المؤمنون لهم ارجعوا وراءكم (٣). وقال مقاتل: قالت لهم الملائكة ارجعوا وراءكم من حيث جئتم من الظلمة (٤).
﴿فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ قال أبو إسحاق: تأويله لا نور لكم عندنا (٥).
قوله: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ﴾ قد ذكرنا أن المنافقين ينصرفون لطلب النور فلا يجدون، ثم يقبلون إلى المؤمنين ليلحقوهم فيميز بينهم وبين المؤمنين ويضرب بينهم سد، وهو قوله: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ﴾ أي أن بين المنافقين والمؤمنين ﴿بِسُورٍ﴾ وهو الحائط، والباء فيه صلة للتأكيد، قاله
(٢) انظر: " الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٧٣، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٣٣، و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٣٥٧، وقوله: فيما لطف، أي فيما غمض معناه وغفى، و"اللسان" ٣/ ٣٦٩ (لطف).
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٣٥٤، و"الوسيط" ٤/ ٢٤٩
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٠ ب، و"جامع البيان" ٢٧/ ١٢٩، ونسب القول للمؤمنين موضحًا معنى الآية.
(٥) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٢٤.